مقالات
المنهج الاقتصادي الإسلامي يحقق طموحات الشعوب: الشيخ إبراهيم صالح – مفتي نيجيريا
يؤمن الشيخ إبراهيم صالح الحسيني، مفتى نيجيريا عضو مجلس حكماء المسلمين، بأن الإسلام يحمل حلولاً مثالية لكل مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك لا يكف في المؤتمرات والفعاليات الإسلامية والعلمية التي يشارك فيها، والتصريحات التي يدلي بها، عن المطالبة بالعودة الصادقة إلى الإسلام حتى تأتي الحلول وخطط الإصلاح محققة لطموحات المسلمين، ومجسدة لتعاليم دينهم.
ويرفض الشيخ الحسيني مزاعم هؤلاء الذين يدعون وقوف الإسلام في طريق خطط وبرامج تطوير وتحديث المجتمعات الإسلامية.. مؤكداً أن تعاليم وقيم وأخلاقيات ديننا العظيم قادرة على بناء مجتمعات حديثة ومتطورة، فالإسلام دين العلم، ويرحب بكل جديد ومفيد، ويحض المسلمين دائماً على إعمال عقولهم، وبذل كل جهودهم للاستفادة من العلم ومنجزاته العصرية.
ويعبر مفتي نيجيريا عن أسفه لانتشار الأمية العلمية في العديد من الدول الإسلامية، ويطالب بنهضة علمية حقيقية تعتمد على مناهج التعليم المتطورة، ووسائل التكنولوجيا الحديثة.. كما يحذر من تجرؤ بعض الأدعياء على دين الله والحديث في أمور الدين، أو الإفتاء بالحلال والحرام دون استعداد وتأهل لهذه المسؤولية العظيمة.
وفيما يلي تفاصيل الحوار الذي أجرته «الاقتصاد الإسلامي» مع فضيلته خلال زيارته للقاهرة:
أجرى الحوار: بسيوني الحلواني
واقع الأمة الإسلامية
كيف ترون واقع الأمة الإسلامية الآن في ظل الحروب الأهلية والمؤامرات الخارجية التي أهدرت قوتها في صراعات ونزاعات داخلية؟
لا شك أن الأمة الاسلامية تعيش ظروفاً صعبة للغاية على كل المستويات، وهي بلا شك تتعرض لمؤامرات ومخططات تستهدف نشر الفتنة والوقيعة بين أبنائها، ولابد أن يكون الجميع على بينة وبصيرة من هذا، فالأمة الآن تعاني من حروب وصراعات مسلحة وأزمات داخلية وتحديات كثيرة وخطيرة، وهنا لا يمكن أن نعفي أنفسنا – نحن المسلمين – من المسؤولية ونعلق مشكلاتنا على شماعة الأعداء، وعندما يتآمر علينا الأعداء، فواجبنا أن نتصدى لهم ونعمل على إفشال مخططاتهم ومؤامراتهم. والمؤسف أن تستمر هذه الصراعات والنزاعات، وتزهق فيها الأرواح، وتهدر فيها الثروات، وتخرب فيها الديار، وتعطل بسببها خطط وبرامج التنمية التي تمثل مستقبل الشعوب الإسلامية.
لابد أن يدرك جميع الفرقاء أنهم يحققون لأعداء الأمة أهدافهم، ولذلك نناشد خاصة المسلمين وعامتهم أن يدركوا المخاطر المحدقة بهم، وأن يتوقفوا عن النزاع والخلاف، وأن يحقنوا دماء الأبرياء، فهي دماء محرمة، وأن نحافظ على ثرواتنا لتنفق في التنمية وحل مشكلات الفقراء والعاطلين في البلاد التي تشهد تلك الصراعات.
كما نناشد العقلاء في كل بلادنا الإسلامية أن يبذلوا المزيد من الجهود لحقن الدماء ووقف إهدار الأموال في حروب ونزاعات لا طائل من ورائها إلا الخراب.. ففقراء المسلمين أولى بالأموال التي تهدر في الحروب والصراعات.
مشكلات .. ومصالح مادية
وكيف يكون التعامل مع مشكلات الأمة الاقتصادية التي تتضاعف في عالم يستخدم السلاح بحثاً عن مصالحه المادية؟
التعامل مع المشكلات الاقتصادية في البلاد الإسلامية عموماً يحتاج إلى رؤية تختلف من بلد إلى آخر وفقاً لظروفه وقدراته واحتياجاته، فما يصلح للتطبيق في نيجيريا – مثلاً – قد لا يصلح للتطبيق في مصر، وما يصلح في المغرب قد لا يصلح في الإمارات، وهكذا يجب أن تتنوع السياسات والخطط التنموية بما يناسب كل مجتمع.
لكن على المستوى العام نحن مطالبون بالتعاون والتكامل لتحقيق المصالح العليا للمسلمين، ومطالبون بالتعامل بوعي مع مخططات تفريق وحدة الأمة وهي موجودة بالفعل، وعلينا أن نعي أن الخلافات والصراعات المسلحة التي أشرنا إليها تقف عقبة في طريق التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، وقد كنا في الماضى ننادي بـ»سوق إسلامية مشتركة»، وقد تلاشى هذا المطلب ولم يعد يصدر عن مؤتمرات وفعاليات ثقافية أو اقتصادية بعد أن أصبحت الصورة قاتمة، وأصبح الحلم بعيد المنال.
نحن أمة حباها الله بكل الخيرات والثروات ولا توجد لدينا مشكلة في الموارد الطبيعية أو الأموال اللازمة للاستثمار، فكل قارات العالم تزدحم بأموال المسلمين، ولكن تظل مشكلاتنا في غياب «إراداة حقيقية» للعمل الجماعي من أجل الشعوب الإسلامية.. هذا العمل الجماعي الإسلامي للأسف غير موجود، ربما بفعل مؤامرات وسياسات دولية تقف في طريق وحدتنا، لكننا مسؤولون وسوف يحاسبنا الله على ذلك.
سنة التغيير
الخلافات والمشاحنات والصراعات التي نعيشها في عالمنا الإسلامي تفرض علينا اليأس والإحباط كما نرصد ذلك في معنويات البعض؟
تعلمنا من ديننا أن نعيش على الأمل، وأن نصلح من أحوالنا، ونعالج من أخطائنا، ونسعى للتغيير، ونبذل الجهد في كل عمل مفيد لأنفسنا ولمجتمعاتنا، ونترك النتائج على الله، وقد بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله سيصلح من أحوالنا إذا ما أصلحنا أنفسنا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد 11، لكن واجبنا الآن أن نقف على مشكلاتنا الحقيقية حتى نستطيع أن نجد لها العلاج الناجح.
علينا أولاً أن نؤكد أن حالة الفرقة والانقسام التي نعيشها على مستوى العالم الإسلامي تحرمنا من خير كثير، وتضاعف من حجم المخاطر التي تتعرض لها الأمة في الوقت الحاضر.
لذلك ينبغي أن تبذل كافة الجهود لتوحيد جهود الأمة لمواجهة الأخطار الكثيرة والمتنوعة التي تحيط بنا، وتفرض علينا أن نضاعف من حجم العمل، وأن نسعى إلى تحديث مجتمعاتنا لتواكب تطورات العصر، والإسلام باعتباره دين فكر وعلم ويؤمن بكل جديد نافع يحضنا على ذلك.
الإسلام دين العلم والعمل
البعض يربط بين حالة التواكل والسلبية التي نعيشها، وعدم السعي الجاد لجني ثمار العلم الحديث.. وبين تعاليم ديننا الحنيف، بماذا تردون على هؤلاء؟
هذا تفكير جهلاء، والإسلام دين علم وعمل وسعي واجتهاد وكفاح من أجل خيري الدنيا والآخرة .. والإسلام يدعونا إلى أن نعمل بجد وإخلاص، ولذلك فالعلم والعمل، وهما البانيان لأية نهضة، في مقدمة اهتمام الإسلام.
والإسلام يواجه كل صور التواكل والسلبية، وهناك فرق كبير بين «التوكل» و»التواكل»، ونحن المسلمون مطالبون بالسعي الجاد لتحقيق حياة آمنة مستقرة لنا ولأبنائنا ولمجتمعاتنا، وهذا لن يتحقق لنا إلا بمزيد من تحصيل العلوم والمعارف والخبرات.. كما أننا مطالبون بالحرص على تعاليم ديننا، ومن هذا الدين العظيم الذي أراده الخالق سبحانه وتعالى خاتماً للرسالات السماوية نستمد المنهج والعزيمة.
فعاليات مهمة.. ولكن
أشرتم إلى المؤتمرات والفعاليات الإسلامية التي تنعقد بين الحين والآخر.. هل ما زلتم تعلقون أملاً على هذه الفعاليات في التعامل مع واقع الأمة ومشكلاتها على الرغم من أن البعض يؤكد أن توصيات هذه الفعاليات دائماً ما تكون حبراً على ورق؟
أنا أختلف معكم في هذه النظرة للمؤتمرات الإسلامية، فأنا أرى أنها مهمة لتحقيق التواصل بين علماء ومفكري الأمة، ووجودها أفضل كثيراً من القطيعة التامة بين العلماء والباحثين، وكل ما نتطلع إليه أن توضع توصياتها موضع التنفيذ، وأن تشكل لها لجان متابعة، وأن تتم مخاطبة كل الدول المعنية بهذا الشأن حتى لا تتحول هذه المؤتمرات إلى مظاهرات إعلامية ينتهي مفعولها بمجرد الانتهاء منها.
التواصل والتلاقي بين المسلمين مهم للغاية على مختلف المستويات، ونتطلع إلى تواصل أكبر بين المسؤولين في البلاد الإسلامية في كل المجالات، لأن هذا التواصل هو الذي يفتح آفاقا للتعاون والتكامل وتحقيق الطموحات، والتعاون في حدوده الدنيا أفضل من ألا يكون هناك تعاون.
والمشكلات والأزمات التي تحيط بنا تفرض علينا كأمة أن نعمل سوياً، والله سبحانه وتعالى يدعونا دائماً إلى التعاون والتضامن والعمل المشترك في مختلف المجالات.
تعاون ثقافي
وهل التعاون في المجالات الفكرية والثقافية يوفر للمسلمين القدرة على مواجهة التحديات التي تستهدف صورة الإسلام وأمن واستقرار المجتمعات الإسلامية؟
للأسف.. هذا التعاون يتم على نطاق ضيق للغاية، فنحن في عالم اليوم نواجه تحديات فكرية وثقافية كثيرة بفعل تنامي الجماعات المتطرفة التي تعاني منها دول عربية وإسلامية عديدة، ومواجهة هذه التحديات يستدعي وجود تعاون فعال لأن تداعيات تنامي هذه الجماعات كثيرة وخطيرة للغاية على مجتمعاتنا أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، ونحن بحاجة إلى مواجهات فكرية إلى جانب المواجهات الأمنية.
استعادة المسلمين لقوتهم
من وجهة نظركم .. كيف يستعيد المسلمون قوتهم في عالم لا يعرف سوى منطق القوة؟
القوة التي ينبغي أن يعمل المسلمون في كل بقاع الأرض على استعادتها ينبغي أن تكون شاملة.. قوة في العلم.. قوة في الاقتصاد.. قوة في البنيان الاجتماعي والرقي الأخلاقي.. وذلك إلى جانب القوة العسكرية التي نستطيع بها أن نرهب عدو الله وعدو الوطن وكل طامع في أرضنا وخيراتنا.
وسنن الله في كونه تعطي القوة والتقدم والازدهار لمن يأخذ بالأسباب، فيعلم جيداً، ويعمل ويكافح ويستغل جيداً طاقاته وموارده الاستغلال الجيد، والواقع أن المسلمين إن لم يفعلوا ذلك، وإن لم يسيروا وفق السنن والأسباب التي تسمح لهم بالتقدم والانطلاق، فلن يتغير شيء في بلادهم، وسيتقدم وينهض من يأخذ بهذه الأسباب، ولذلك فإن واجبنا أن نرتقي بمناهج التعليم في مجتمعاتنا الإسلامية، وأن نعطي البحث العلمي ما يستحق من اهتمام، وأن نولي العمل أهمية كبرى فنتيح فرصه لكل من يستطيع أن يعمل، ومن المحزن أن تتضاعف قوائم العاطلين في البلاد الإسلامية دون وجود خطط مستقبلية واقعية للتعامل مع هؤلاء العاطلين.
دين نهضة وتقدم
لماذا يشكو المسلمون دائماً من الفقر والجهل وكل أنواع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية؟ ولماذا تقبع معظم البلدان الإسلامية في قوائم الدول «النامية»؟ وبماذا ترد على الذين يربطون بين هذا الواقع المؤلم وتعاليم الإسلام؟
الربط بين هذا الواقع وبين تعاليم الإسلام صورة من صور الجهل الذي تكلمت عنه، فهذا الواقع الذي تتحدث عنه يختلف من مجتمع إلى آخر، ولا علاقة له بثوابتنا الدينية.. الإسلام دين نهضة وتقدم وتحضر، والواقع الذي يعيشه المسلمون بكل ما فيه من مظاهر الضعف لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد.. فالحقائق والأدلة والبراهين تقول إن المسلمين تخلفوا ولم يستعيدوا نهضتهم التي ملأت الدنيا علماً وتحضراً وعدلاً لأنهم لم يعودوا يعملون بالإسلام، ولا من أجل الإسلام، بل انصرفوا عن هداية هذا الدين وأخذوا يلتمسون الحلول لمشكلاتهم عند غيرهم.
منهج التغيير
تحدثتم عن التغيير والتطوير الشامل الذي تحتاجه مجتمعاتنا حتى يغير الله ما بها ويخلصها من مشكلاتها وأزماتها.. فعلى أي أساس يتم هذا التغيير من وجهة نظركم؟ ومن المسؤول عنه؟
منهج التغيير واضح ومحدد ولا مجال فيه لاختلاف الرؤى، فنحن مطالبون بالأخذ بأسباب التقدم من علم وعمل وكفاءة وإخلاص في هذا العمل، فالمطلوب الآن أن تعود الأمة إلى العلم وإلى العمل، وأن يتحمل كل إنسان مسؤولياته، ولا يلقي على غيره، والتغيير الذي نتطلع إليه في عالمنا الإسلامي هو مسؤولية كل ولاة أمورنا، كما هو مسؤولية كل فرد منا، وقد بين لنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه جوانب أساسية مهمة فيما يتعلق بهذه المسؤولية، فقال في الحديث الشريف: «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه» (مجمع الزوائد 10/346 رواه الطبراني والبزار بنحوه، ورجال الطبراني رجال الصحيح).
فهذا الحديث الشريف يشتمل على عدة عناصر أساسية لمسؤولية الإنسان في الدنيا والتي سيقدم عنها كشف حساب يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى، وهذه العناصر هي: الوقت والعمل والمال والعلم.
المعاملات الإسلامية
من خلال جهودكم في الإفتاء، ودراساتكم المتعلقة بالمعاملات.. كيف تنظرون إلى مستقبل المعاملات الإسلامية في البلاد الأفريقية؟
المسلم في كل مكان مرتبط بدينه وحريص على الحلال والحرام، والمسلمون في أفريقيا عموماً، وفي بلادنا – نيجيريا – بشكل خاص، يتطلعون إلى ما يؤكد هويتهم الدينية، ولذلك لا تتوقف تساؤلاتهم عن الحلال والحرام في المعاملات، ويتطلعون أيضاً إلى انتشار البنوك والمصارف التي تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ونحن نشهد لها بالصدق في المعاملة، ونتطلع إلى انتشارها في كافة البلاد الأفريقية، وثقة الجماهير فيها خير سند لها.. وإن شاء الله سوف تنطلق البنوك التي توفر المعاملات الإسلامية إلى مجتمعات وبيئات غير إسلامية سواء في أفريقيا أو في غيرها، ونحن العلماء والدعاة نؤكد على دعمنا لها ولكل المؤسسات التي تطبق منهج الإسلام وتوفر للمسلم البديل الإسلامي في كل شؤون حياته.
وكيف تنظرون إلى التوجه الواضح والمتنامي نحو المعاملات الإسلامية في كثير من دول العالم؟
هذا توجه محمود، فالمعاملات الإسلامية تحقق طموحات المسلمين في تطبيق المنهج الحلال والبعد عن طرق الحرام، وهذا أمر مهم لكل مسلم حريص على دينه، كما أن هذه المعاملات تعني الأمان والتخلص من المخاطر الكبيرة، وتعني اطمئنان الناس على أموالهم، ونحن نتمنى أن يتعاظم الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي عموماً في كل الدول العربية والإسلامية لمحاصرة المعاملات الربوية التي مازالت تسيطر على معاملات المسلمين ونحن على ثقة بأن المعاملات الذي تستمد مقوماتها وضوابطها من تشريعات الإسلام سوف تنتشر وتسود، وهي أداة مهمة للتخلص من الحرام في مجتمعاتنا الإسلامية.
الفتوى أمانة ومسؤولية
دائمًا تحذرون من التجرؤ على الفتوى وتؤكدون أنه أحد أهم مظاهر الخلل الفكري في مجتمعاتنا الإسلامية.. كيف نحمي مجتمعاتنا الإسلامية من الفتاوى الضالة التي تصدر عن أشخاص غير مؤهلين؟
وأنا من خلال مجلتكم الغراء أناشد جماهير المسلمين في كل مكان عدم اللجوء إلى غير المتخصصين في أمور الفتوى، وأن يحسنوا اختيار من يفتيهم في أمور دينهم، وأن يقطعوا الصلات بكل جماعات التطرف، وأن يلجأوا
إلى علماء الفتوى المعتمدين في المؤسسات الدينية.. وفي بلادنا الكثير منهم والحمد لله.
استعادة خطاب الاعتدال
وما جهودكم لإشاعة الخطاب الإسلامي المعتدل في نيجيريا بعد أن نجح المتطرفون والمتشددون في التغرير ببعض شبابكم ودفعهم إلى ممارسة العنف تحت شعارات دينية؟
أريد أن أطمئنك وأطمئن كل مسلم في عالمنا الإسلامي بأن الخطاب الإسلامي المستنير هو السائد بين الغالبية العظمى من المسلمين في نيجيريا، فالمسلم النيجيري ينحاز دائماً إلى الاعتدال الديني ولا يجنح نحو التطرف والتشدد إلا من يتلاعب بعقله أصحاب التيارات المنحرفة.
وجهودنا الدينية لمواجهة هؤلاء الخارجين على سماحة الإسلام واعتداله متواصلة، وهي تتضاعف باستمرار لحماية عقول شبابنا الذين يقعون في براثن جماعات الضلال التي تنتشر في بعض البلاد الإسلامية والإسلام منها براء.
تحقيق المجتمع الآمن
ماذا يعني استعادة الخطاب الديني المعتدل في المجتمعات الأفريقية؟
استعادة الخطاب الديني المعتدل يعني الكثير بالنسبة للمسلمين الأفارقة، فهو يعني قطع الطريق على جماعات الضلال والانحراف التي تتمسح في الإسلام وهو برىء منها، والخطاب الديني الصحيح هو أحد أهم عوامل تحقيق استقرار المجتمعات والإسهام في أمنها وأمانها، ومن خلال هذا الخطاب المعتدل المتسامح الذي يستند إلى تعاليم الإسلام وأخلاقياته يتحقق العيش السلمي المشترك بين البشر، وتتحقق العدالة والمساواة والحرية المنضبطة، وبه يتحقق الأمن النفسي، وبه تنضبط علاقات البشر فيما بينهم، وبه أيضاً تترسخ القيم الأخلاقية والإنسانية من الرحمة والتسامح والتكافل والتعاون والصدق والوفاء والأمانة، وبه تحفظ الدماء والأعراض والأموال والحرمات، وبه تسير عجلة العمل والإنتاج وعمارة الكون في طريقها الصحيح.
تعاون أكبر
كيف ترى العلاقة بين مؤسسات الفتوى في العالم الإسلامي؟ وهل التنسيق بينها يحقق الأهداف التي يطمح إليها المسلم في كل مكان؟
الآن هناك تنسيق جيد بين مؤسسات الفتوى في العالم الإسلامي، ونتطلع إلى المزيد من التعاون والتكامل والتنسيق، وهذا التنسيق مهم لتبادل الرؤى والخبرات والمعارف، وكلنا نستقي استقامة المنهج من الأزهر الشريف، فهو قبلة الاعتدال الديني في العالم، ودائماً نستفيد من خبرات الأزهر في مجال الدعوة والتعليم الديني والبحث الفقهي، وأنا أسعد دائماً بلقاء فضيلة شيخ الأزهر والاستفادة من رؤاه وتوجيهاته، وبيننا وبين الأزهر روابط قوية والحمد لله.
التعليم في الأزهر
وماذا عن الأجيال الجديدة من أبناء نيجيريا الذين يتعلمون في الأزهر؟ وهل يحققون طموحاتكم في الدعوة والإفتاء بعد عودتهم؟
الحمد لله ثقتنا في الأزهر ومؤسساته التعليمية والدعوية والتدريبية كبيرة للغاية، ونحرص دائماً على إيفاد أبنائنا إلى الأزهر لكي يتعلموا ويتأهلوا لكل المهام الدينية، ونحن نتعهدهم بالتدريب والتأهيل العملي بعد عودتهم، وكما تعلمون المهام الدعوية أسهل كثيراً من مهام الإفتاء، فالفتوى تحتاج إلى علم وخبرة ومعايشة للمجتمع إلى جانب الاطلاع الواسع على آراء واجتهادات الفقهاء قديماً وحديثاً، لذلك لا نصدر لها الشباب، بل نجعل هذه المهمة العظيمة في أعناق أصحاب العلم الواسع والخبرة من العلماء والدعاة.