مقالات
كلمة سماحة الشيخ إبراهيم صالح الحسيني رئيس هيئة الإفتاء والمجلس الإسلامي النيجيري في الإعلان عن تأسيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة
كلمة سماحة الشيخ إبراهيم صالح الحسيني رئيس هيئة الإفتاء والمجلس الإسلامي النيجيري نيابة عن العلماء الأفارقة في الإعلان عن تأسيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالدار البيضاء ليلة 26 رمضان 1436 موافق 13 يوليوز 2015
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير رسل الله أجمعين، سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله المطهرين، وعلى أصحابه السادة رجوم المعتدين، وأئمة المهتدين.
أما بعد:
مولانا أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيدكم الله بنصره، وأدام الله عزكم وعلاكم.آمين.
يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
لقد اقتضت سنة الله تبارك وتعالى، أن تمر الأمة الإسلامية منذ بزوغ فجر الإسلام بأنواع كثيرة من الابتلاءات والمحن، ولكنها استطاعت أن تتجاوزها جميعا بفضل تمسكها بكتاب ربها، وسنة نبيها الكريم صلوات الله وسلامه عليه، وبالتفافها حول قادتها الملهمين من أولي الأمر؛ حكاما أقوياء عادلين، وعلماء أتقياء عاملين، حتى وصلت إلينا أمانة هذا الدين في هذا العصر على أيدي علمائنا الربانيين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولم يبدلوا ولم يحرفوا فجاءنا الإسلام نقيا سالما كما جاء به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من عند ربه.
وإن لله تبارك وتعالى، ضنائن من عباده في هذه الأمة يدخرها إلى وقت الحاجة، ونحن إذ نعيش أحزانا وآلاما بسبب ما ءال إليه أمر الأمة من انتشار الغلو والتطرف في كثير من البلدان إذا بنا نسمع ونلبي نداء صاحب الجلالة مولانا أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين الملك محمد السادس حفظه الله، لتكوين هذه المؤسسة التي هو بصدد الإعلان عنها: مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، في هذه الليلة المباركة من هذا الشهر العظيم، وفي هذه البقعة الطاهرة، لتجمع بين العلماء الأفارقة مغاربة وغيرهم قياما بواجب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، اقتداء بأسلافنا الأوائل الذين نشروا الإسلام بصفائه ونقائه في ربوع القارة السمراء، بالأخلاق الفاضلة، والقيم التي جاء الإسلام لنشرها لإسعاد البشرية جمعاء.
ومما تجدر الإشارة إليه أن علاقة المغرب بالأمم الإفريقية هي علاقة روحية قبل أن تكون مادية فالمغرب مع أن له الفضل في نشر القيم الإسلامية تجمعه مع كل الدول الإفريقية العقيدة، والمذهب والمنهج السني في التصوف والسلوك، فنحن جميعا أشاعرة ومالكية على مذهب الإمام الجنيد في السلوك. لذلك فإننا نعتبر النداء إلى هذه المؤسسة عملا جاء في وقته وها نحن اليوم نرى أن الله تبارك وتعالى، قد حقق لنا أمنية غالية عجزنا عن تحقيقها مع شدة الحاجة إليها من قبل، حتى قيض الله تبارك وتعالى أمير المؤمنين، جلالة الملك محمدا السادس، أيده الله ونصره للقيام بهذا العمل الكبير، والشيء من معدنه لا يستغرب.
ومن هنا، فنحن باسم أصحاب الفضيلة العلماء من إفريقيا الحاضرين والذين تغيبوا لأعذار شرعية مع تصميمهم على الحضور لاحقا إن شاء الله، نعلن قبولنا النداء لهذه الدعوة، وبأن هذه الدعوة جاءت في وقتها ولم يوافق العلماء عليها ويقبلوها ولم يتعاهدوا على إنجاحها إلا لأنها دعوة من صميم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد دعانا الله تبارك وتعالى إلى الوحدة، وإلى التمسك بطاعة أولي الأمر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}.
وختاما، نتضرع إلى المولى عز وجل أن يحفظ جنابكم السامي الشريف يا أمير المؤمنين، بما حفظ به الذكر الحكيم، وأن يطيل بقاء جلالتكم منعمين متمتعين بالصحة الكاملة، مع العز والتمكين، والنصر المؤزر والفتح المبين، وأن يقر عينكم بولي عهدكم صاحب السمو الملكي مولاي الحسن، وأن يشد عضدكم بصنوكم صاحب السمو الملكي مولاي الرشيد، وسائر أفراد الأسرة العلوية المجيدة.
كما نتقدم إلى جنابكم السامي الشريف بأصدق التهاني بمناسبة إقامة هذه المؤسسة التي سيكون لها شأنها تحت رعايتكم الشريفة إن شاء الله، سائلين المولى عز وجل أن يوفقنا للعمل فيها بإخلاص وتجرد من أجل رفعة هذا الدين والمحافظة على ثوابته، وأن يبقي المملكة المغربية، قوية موحدة في ترابها الطاهر، تنعم بالأمن والسلام الدائم، وبمزيد من التقدم والاستقرار والازدهار.
والسلام على مقامكم ورحمة الله تعالى وبركاته